الاثنين، 6 فبراير 2012

الفلسطينيون في السويد

لابد قبل البدء بهذه الدراسة المقتضبة من التحدث أولا عن السويد كدولة مضيفة للجالية الفلسطينية وثانيا عن الكيفية التي تشكلت بها الجالية موضوع البحث.
السويد
أولا:يعتبر شعب السويد شعبا هرما بسبب كثرة عدد المسنين عن الصغار، وبذلك يكون الهرم السكاني معكوسا. ويبلغ عدد سكان السويد حاليا حوالي 9 ملايين نسمة، ويزيد عدد من هم من أصول أجنبية عن 20 بالمائة، وأغلبهم من دول الشمال وفي مقدمتهم الفلنديين. وكانت السويد في نهاية القرن التاسع عشر من أفقر البلدان مما دعا مايقارب المليون من سكانها آنذاك للهجرة منها نحو أمريكا الشمالية. وازدهر الإقتصاد السويدي بعد الحرب العالمية الثانية بسبب عدم دخول السويد في تلك الحرب ولم تدمر بنيتها التحتية.
وبتوقيعها وتصديقها على اتفاقية جنيف لحقوق الإنسان، بدأت على إثرذلك باستقبال ثلاث شرائح من الأجانب وهي أولا: الأيدي العاملة من دول مثل تركيا واليونان وغيرها، وثانيا باستقبال أعداد أخرى من البشر بتصنيف اللاجئين لأسباب سياسية أو إنسانية، وثالثا القادمون بسبب لم الشمل إلى أهاليهم الذين تم قبولهم للأسباب السابقة.
وعند حصول الأجنبي على تصريح الإقامة والعمل فإنه يتمتع تلقائيا بكافة الحقوق والواجبات التي تنطبق على المواطن السويدي، أي الحاصل على الجنسية السويدية. فيحق له الحفاظ على لغته الأم وتطويرها، ومزاولة كافة النشاطات الثقافية والفكرية والدينية، ويحق له التعليم والعمل والعناية الصحية والتأمينات الإجتماعية بما فيها التقاعدية.
أما الإختلافات مابين الأجنبي والسويدي فهي عدم تمكن الأجنبي من أداء خدمة العلم ، وهي طوعية للسويدي، ومن جهة أخرى عدم مشاركته في الإنتخابات البرلمانية. يتمتع الأجنبي بحق التصويت للانتخابات البلدية والمحافظات بعد مرور ثلاث سنوات على إقامته في السويد. وبعد حصول الأجنبي على الجنسية السويدية، وهذا يتم مابين 3 إلى 5 سنوات، تزول كافة الفوارق.
تشكل الجالية الفلسطينية من الناحية الإحصائية
كبداية لابد من التنويه بأن لا أحدا يعلم، ولاحتى المكتب المركزي للإحصاء في السويد، كم هو عدد أبناء الجالية الفلسطينية في السويد وذلك لعدة أسباب منها:
- من حضر منهم بجواز سفر أردني أو إسرائيلي فقد تم تسجيله كأردني أو إسرائيلي.
- ومن حضر بوثيقة سفر لبنانية أو سورية أو مصرية أو عراقية فقد تم تسجيل بعضهم بصفة، بلا وطن، وبعضهم بإسم البلد التي صدرت منها الوثيقة، وبعضهم، خاصة من ولد منهم على أرض فلسطين، فسجل بإسم إسرائيلي، بدعوى أن هذه الموقع يوجد في أرض دولة على الخارطة الدولية تسمى إسرائيل.
- وهناك فئة أخيرة هي من ولدوا لأب فلسطيني وأم سويدية فيدرج الطفل إحصائيا بصفة سويدي، حسب قانون الإحصاء السويدي.
هذا ويقدر عدد الفلسطينيين في السويد بعشرات الآلاف، ربما 30 إلى 40 ألف، وموزعين على معظم المدن الرئيسية مثل ستوكهولم ويوتبوري ومالمو وأوبسالا ونورشوبينج وغيرها.
كان أول عربي يهاجر إلى السويد هو الدكتور الفلسطيني مفيد عبد الهادي قبل 67 عاما وهو يعتبر أيضا عمدة فلسطينيي أوروبا فقد وصل إلى استكهولم عام 1943 وبقي فيها حتى وافته المنية مطلع الألفية الثالثة وهو بحسب موسوعة جينيس شيخ أطباء العالم فقد مارس الطب لثلاثة وستين عاما الأمر الذي لم يسبقه إليه أحد، وهو بحسب موسوعة جينيس شيخ أطباء العالم فقد مارس الطب لثلاثة وستين عاما الأمر الذي لم يسبقه إليه أحد، أما البدايات الحقيقية فكانت في منتصف ستينات القرن الماضي حيث قدّمت السويد عددا من المنح التعليمية للشباب الفلسطيني المتفوق في المعاهد الصناعية في سوريا ولبنان والأردن وقطاع غزة، التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين"الأونروا" . بقي معظم هؤلاء في السويد بنتيجة حرب عام 1967 وأحضروا فيما بعد ذويهم.
درج الأمر منذئذ حيث أنتجت المناكفات السياسية بين منظمة التحرير الفلسطينية والأنظمة العربية إضافة للحروب المتكررة بين العرب وإسرائيل - مثل حرب 1982، والحروب الأهلية مثل حرب أيلول لعام 1970 وحروب لبنان الداخلية للأعوام 1976 و1985 وحرب الكويت 1990 والحرب العراقية الأخيرة والمستمرة والحرب الأهلية في قطاع غزة بين حماس وفتح - أنتجت كلها تهجير ولجوء ولم شمل للفلسطينيين إلى السويد.
إذا يمكن القول بأن مصادر قدوم الفلسطينيين إلى السويد هي لبنان وسوريا والأردن والعراق والكويت وقطاع غزة والضفة الغربية بشكل رئيس. كما ويوجد أقلية فلسطينية قادمة من الجزء الفلسطيني الذي وقع تحت الحكم الإسرائيلي عام 1948 ومعظمهم جاء للدراسة وبقي في السويد.
من الناحية الإجتماعية
يعتقد القادم بأن السويد هي جنة الخلد التي ستخلصه من هموم حياته السابقة، ويمر بخطوات عديدة، وتأخذ كل خطوة فترة زمنية تتفاوت بالطول مابين عائلة وأخرى حسب الظروف الفردية بكل أبعادها. فمنهم من يتكيف بسرعة مع المجتمع ومنهم ومن يكفر بالغربة ومنهم من يود لو يذوب في المجتمع الجديد، وهؤلاء هم الأقل عددا مقارنة بمن يتأقلمون.
وتكون اللغة هي أهم العوائق وخاصة بأحرفها الصوتية التي تبلغ 9، وإذا وضعنا في حسابنا الحرف الطويل والحرف القصير، كالفتحة والضمة والكسرة في اللغة العربية، فتصبح الأحرف الصوتية في اللغة السويدية حوالي 18. ومن اللافت بأن الأطفال الذين يدخلون المدارس يتعلمون اللغة السويدية بأسرع وقت من أهليهم بعد حضورهم للسويد. فالمدرسة توفرلهم الإحتكاك مع المجتمع السويدي من معلمين وزملاء فيساعدهم على التقاط اللغة بشكل أسرع بكثير مما يسنح للوالدين. يصبح الأبناء نتيجة ذلك أعرف بالمجتمع من أولياء أمورهم. ويظهر عجز الوالدين في فك رموزالمجتمع أمام تقدم الأبناء الذين هم في سن المراهقة فتختل من جراء ذلك موازين الإدارة والقوى في العائلة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارباكات عائلية شديدة في أحيان كثيرة.
ويلي اللغة طريقة التربية التي تختلف بمبادئها عن التربية في البلدان العربية. فعند العرب يربي الوالدين أطفالهم على مبدأ الطاعة مع السماح أو غض النظر عن استخدام العنف بقصد التربية. أما في السويد فتبنى الشخصية على الإستقلالية والبحث العلمي منذ الصغر، ويتم تجريم استخدام العنف في التربية، ويكون الفرد إبنا للدولة ولمؤسساتها إضافة لوالديه.
كما وينضم للمصاعب التي تواجهها العائلات هي الطريقة التي يعيش عليها مجتمعنا العربي في التعامل مع المرأة. فمجتمعنا العربي هو مجتمع ذكوري ويبخس المرأة حقها. وبمجرد قدوم العائلة إلى السويد فيرتفع شأن المرأة في العائلة وفي المجتمع قانونيا إلى مستوى يخل بتوازن التفكير والقبول عند الرجل في علاقته مع زوجته وبناته. فليس من السهل على الرجل أن يرقى بحقوق المرأة إلى مستوى حقوقه بالطريقة التي يطبقها المجتمع السويدي، كما ولاترتقي المرأة أو الفتاة بدورها إلى مرحلة التساوي مع الرجل بشكل منطقي. فمنهن من يطلب المزيد لتكون هي الآمر والناهي في العائلة، الأمر الذي يدفع بالرجل للدفاع عن مواقعه السابقة للتمترس عندها وغلق الأبواب أمام أي تطور يؤدي لرفع مستوى حقوق المرأة ومن ثم الإندماج المقبول في المجتمع الجديد.
المحيط الذي نشأت فيه الحركة الوطنية الفلسطينية
سويديا:
يعتبر المجتمع السويدي جزءا من المجتمع الغربي الذي تأثر بمفهوم مؤيد لأهداف الحركة الصهيونية ولإسرائيل وذلك لأسباب عدة
- يعتبر الشعب السويدي فلسطين مهدا لولادة المسيح وكانت هدفا لحجاجهم عبر العصور، الأمر الذي سهل على الحركة الصهيونية، التي بدأت في نهايات القرن التاسع عشر في دول أوربا ومنها السويد، حيث تتواجد الجالية اليهودية منذ بدايات 1880، من التأثير عليه من خلال ربط المسيحية باليهودية وربط الإنجيل بالتوراة وتسميتها الكتاب المقدس بقسميه العهد القديم والعهد الجديد. وكان أكبر حاخامات اليهود في السويد ماركوس إيهرنبرايس الساعد الأيمن لحاييم وايزمن زعيم الحركة الصهيونية في عام 1914. كما خدع الإنسان السويدي، الذي كان يعيش في ظل اشتراكية الدولة، بما طبقته إسرائيل على أرض فلسطين مثل التعاونيات ، الكيبوتزات والموشافات. وكان الإعلام السويدي والمؤلفات مجندة كليا لخلق رأي عام مؤيد لما تفعله إسرائيل.
- كانت صورة الإنسان العربي في المفهوم السويدي حتى بداية السبعينات مشوهة، بسبب مابثته آلة الإعلام الغربية من جهة وغياب الإعلام العربي من جهة أخرى. وزاد الأمر تعقيدا عندما قامت الحركة الوطنية الفلسطينية من أعمال فدائية في أوربا فأصبحت صورة الإنسان الفلسطيني مطابقة للإرهابي.
- بقيت الأمور على حالها إلى أن بدأ العد العكسي لتأييد إسرائيل بالهبوط إلى أن أصبحت مؤخرا توصف، ببعض الإعلام السويدي ومن قبل بعض السياسيين، بدولة الإرهاب والعنصرية. بدأ تصاعد تأييد مطالب الشعب الفلسطيني تدريجيا بعد مرور أحداث رهيبة ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الذي دفع ثمن هذا التغيير شلالات من الدم. وكانت هذه العوامل:
أولا ظهور منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف بها كممثل للشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة، وكانت السويد من بين من اعترف بهذه الحقيقة وفتحت للمنظمة مكتبا إعلاميا في العاصمة ستوكهولم وبدأ ممارسة نشاطاته منذ عام 1975. وثانيا حرب عام 1973 واستخدام العرب على إثرها سلاح النفط الذي هز مضاجع أوربا الباردة. وثالثا موجات الهجرة للفلسطينيين إلى السويد في السبعينات ليبدأ الإنسان السويدي بالتعرف على الإنسان الفلسطيني كجار له وكإنسان حضاري له حق سلبته منه اليهودية الصهيونية، ورابعا بدء نشوء حركات التضامن السويدية - التي سنفرد لها دراسة خاصة فيما بعد، وخامسا الحروب التوسعية التي شنتها إسرائيل ضد جيرانها العرب والإحتفاظ بالأراضي التي احتلتها، وسادسا مشاهده رجال الطوارئ الدوليين القادمين من السويد الاعتداءات الإسرائيلية، والكذب التي تمارسه أداة الإعلام العسكرية والمدنية الإسرائيلية على العالم، وسابعا علاقة إسرائيل بالدكتاتوريات والنظم العنصرية كما كانت مع نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا والتعاون العسكري النووي فيما بينهما، وثامنا تطور الموقف الرسمي السويدي بعد اعتراف الفلسطينيين بحق إسرائيل بالوجود، وخاصة بأحزابه اليسارية، تجاه قضية فلسطين مما انعكس على الإعلام وعلى التنظيمات الشعبية كالنقابات العمالية والكنائس والتعليم، وتاسعا الإنتفاضات الشعبية الفلسطينية التي برهنت على أن الشعب وليس فقط منظمة التحرير، كتنظيم سياسي ، أو كدول عربية هي التي تقف بالمرصاد للعدو الإسرائيلي فأصبح الصراع بالمفهوم السويدي بين إسرائيل كدولة محتلة وشعب فلسطين الذي يعاني من الإحتلال، وعاشرا بدء الفلسطينيون في السويد في تأطير أنفسهم ضمن تنظيمات شعبية وسياسية فلسطينية إضافة للمشاركة في الأحزاب والتنظيمات الشعبية السويدية بكل جوانب النشاطات الرياضية والفنية والعلمية وغيرها.
فلسطينيا
إن الإنسان الفلسطيني وبنتيجة لنكبته ومحنته في الغربة متمسكا بحقه بالعودة إلى وطنه واسترداد حقوقه الشخصية والوطنية والإنسانية. من هنا يستطيع المرء وصف الإنسان الفلسطيني بأنه إنسان وطني ولايمكن وصفه بغير ذلك.
لكن التجاذبات على الساحة الفلسطينية في أرض الوطن وفي دول الجوار، على مدى العقود الأربعة الأخيرة، انعكست سلبيا على أبناء الجالية الفلسطينية في تنظيم أنفسهم والإستفادة القصوى من قدراتهم ومن محيطهم. كما وكان للأنظمة السياسية والإجتماعية والأمنية التي عاشتها شرائح الجالية الفلسطينية في الدول العربية المضيفة تأثيرا سلبيا آخر على العمل التنظيمي فيما بينها.
تجارب وطموحات في تشكيل الحركة الوطنية الفلسطينية في السويد
يمكن تلخص الحركة الوطنية الفلسطينية في السويد على أنها تجري على ثلاث مستويات:
مستوى التنظيمات النقابية الرسمية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية
إتحاد الطلاب: رغم كل المصاعب التي تولدها الغربة في مجتمع جديد غربي الهوى، وبيئة مسمومة برأي عام مضاد، حاول الإنسان الفلسطيني ولازال السباحة عكس التيار، وطوع منها الكثير لأسباب تم ذكرها أعلاه. فمنذ بدايات الوجود الفلسطيني في السويد تم تشكيل فرع لاتحاد طلبة فلسطين. واجه أعضاء هذا الفرع الصدمات الأولى لردة الفعل الإسرائيلية الإرهابية على الشعب الفلسطيني بعد عملية ميونخ الفدائية عام 1972 ضد الفريق الرياضي الإسرائيلي. فقد أرسلت عصابات إسرائيل، على إثر تلك العملية، طرودا مفخخة لقتل النشطاء الفلسطينيين في كل من السويد والدانمارك. وكان من بين من فقد بعض أصابعه وعينه، المناضل الطالب عمر صفوان من خلال رسالة مفخخة أرسلت إلى عنوانه. وأرسلت أخرى إلى طالب فلسطيني في الدانمارك، كما قتل شاب مغربي بدم بارد في أحد شوارع العاصمة النرويجية أوسلو ظنا من الموساد الإسرائيلي بأنه أبو حسن سلامة. وتابع فرع اتحاد الطلاب نشاطاته على الساحة السويدية حتى منتصف التسعينات ويعتبر نشاطه الآن مجمدا. وكان من أهم منجزاته الربط بين الجامعات الفلسطينية والجامعات السويدية، ومساعدة الطلبة الجدد وإرشادهم.
إتحاد العمال: حث المكتب الإعلامي لمنظمة التحرير الفلسطينية في ستوكهوم بعد افتتاحه عام 1975 الفلسطينيون على تشكيل تنظيمات شعبية واتحادات، إضافة لاتحاد طلاب فلسطين، فتشكل فرعا لاتحاد عمال فلسطين. مازال الفرع فاعلا كما صرح رئيسه السيد أحمد عدوي. وقد تركزت نشاطات هذا الإتحاد على نشر الوعي عند النقابات العمالية السويدية التي أصبح بعضها، كنقابة عمال المعادن، ومركز التثقيف العمالي التابع للحزب الإشتراكي الديمقراطي مؤيدين شديدين لحقوق الفلسطينيين. ولم يكن لهذا الفرع تأثيرا نقابيا على الشريحة العمالية الفلسطينية بسبب تحصيل العامل الفلسطيني على حقوقه من خلال النقابات السويدية قوية التأثير. كما عمل على ربط الحركة العمالية في الوطن المحتل والكشف على معاناتهم تحت الإحتلال إضافة إلى استقبال ممثلين عن الحركة العمالية الفلسطينية.
وقد كان لهذان الإتحادان تعاونا وثيقا مع مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، الذي أصبح يسمى في السويد ،بعد اتفاقية أوسلو وظهور السلطة الوطنية الفلسطينية، بالبعثة الدبلوماسية الفلسطينية.
وكان النشاط الداخلي الأكثر بروزا للإتحادان هو محاولة أعضاء التنظيمات السياسية تنسيب عدد أكبر مؤيد لاتجاهاتهم السياسية للفوز بالإنتخابات التي كانت تجرى وللفوز برئاسة الفرع، ومن ثم حضور المؤتمرات العامة لتلك الإتحادات إن كانت في بيروت أم في تونس.
كما عمل الإتحادان وبشكل مستمر على إحياء المناسبات الوطنية الفلسطينية مثل يوم الأرض ويوم الإنطلاقة وغيرها من المناسبات الوطنية العديدة، إضافة لتنظيم المظاهرات والإعتصامات التي تتطلبها الأحداث وإعداد المحاضرات واللقاءات مع الجماهير ومع الطلبة والعمال في السويد.
إتحاد أطباء فلسطين وهو جديد العهد تشكل في سنة 2008
إتحاد المرأة واتحاد الكتاب والصحفيين: وقد جرت عدة محاولات لتشكيل هذه الإتحادات ولم تقلح على الرغم من وجود العديد من النساء الفلسطينيات والصحافيين ايضا. لكن جهود صحفية فردية بقيت مستمرة في الكتابة والتأليف، باللغتين السويدية والعربية، حتى يومنا هذا.
على مستوى التنظيمات السياسية
لم يفت التنظيمات السياسية الفلسطينية الأم من تشكيل فروع لها على الساحة السويدية، أو على مستوى الدول الإسكندنافية الثلاث، السويد والدانمارك والنرويج، أو على مستوى دول الشمال الخمسة، السويد والدانمارك والنرويج وفنلندا وإيسلندا. ومن بين التنظيمات التي ظهرت للعيان على تلك الساحة السويدية هي:
حركة فتح ، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحريرفلسطين، وحزب الشعب التي شكلت إقاليما لها، وتتابع نشاطاتها حتى اليوم على بالتواصل مع أعضائها وجماهيرها الفلسطينية، ومن جانب آخر مع الأحزاب السويدية التي تحمل أفكارا سياسية مقاربة لها.
فحركة فتح مثلا ذات علاقة وثيقة مع الحزب الإشتراكي الديمقراطي، وهو أكبر الأحزاب السويدية منذ مايزيد عن مائة عام، وعضو هام في الإشتراكية الدولية. تحتفظ م ت ف بمقعدا لها في الإشتراكية الدولية، وكان أول من مثلها الدكتور عصام الصرطاوي الذي قتل في لشبونة أثناء حضوره مؤتمر اٌشتراكية الدولية في عام 1981. ومن الجدير ذكره هنا بأن أية انتكاسات تصيب العمل الفلسطيني في الوطن تعكس نفسها فورا على العمل السياسي الفلسطيني في السويد. فعندما حصل انشقاق حركة فتح في عام 1983، أصبح في السويد تنظيمان الأول يتبع لفتح أبوعمار والآخر يتبع لفتح الإنتفاضة ولا زال الإنقسام قائما.
وملاحظة أخرى فإن الصراع الدائر في الوطن بين حركتي فتح وحماس يعكس نفسه وبقوة على عمل التنظيمات السياسية والشعبية الفلسطينية على الساحة السويدية وقد حصل شروخات عامودية فيها.
أما منظمات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب ذات التوجهات اليسارية فلها علاقات مع الأحزاب اليسارية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي اللينيني الماركسي - الثوريين، وحزب اليسار، وهو الحزب الشيوعي اليساري سابقا.
لقد كان لجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة تنظيما فاعلا على الساحة السويدية في السبعينات، إلى أن اكتشفت السلطات السويدية نشاطا عسكريا في عام 1980 اتهمت هذا التنظيم به وأثارت حملة إبعادات لعائلات فلسطينية بأكملها عن السويد. وأعتبرت الدولة السويدية منذ ذلك التاريخ القيادة العامة تنظيما إرهابيا. كما سعت المخابرات السويدية، سابو، لإبعاد عائلات أخرى، واتهام كل أعضاء جمعية الشعب الفلسطيني في مدينة أوبسالا بالإرهاب، حيث كان من ضبط السلاح معه من أحد أعضاء الجمعية. واستند جهزالسابو في إجراءاته هذه إلى قانون الإرهاب. تصدت جمعية الشعب الفلسطيني في مدينة أوبسالا، متعاونة مع تنظيمات شعبية وقضائية وإعلامية سويدية، فتوقفت الإبعادات وتحجمت تهمة الإرهاب لتبقة القيادة العامة حاملة له في السويد. ومنذ تلك الأيام لم يعد يظهر لتنظيم الجبهة الشعبية- القيادة العامة أية نشاطات علنية. ومن المعتقد بأن للتنظيمات الفلسطينية الأخرى التي نشأت فيما بعد، وألصقت بها صفة الإرهاب كحركتي حماس والجهاد الإسلامي تنظيمات فاعلة بشكل سري حيث لديها مؤيديها بين أبناء الجالية.
وبالطبع يحصل الباحث على إجابات تقول بأن جبهة النضال الشعبي لها من يمثلها على الساحة السويدية، وأن جبهة التحرير الفلسطينية التي كانت نشطة في الثمانينات من خلال اتحادي الطلبة والعمال والتظيمات الشعبية الفلسطينية لها ممثليها أيضا دون أن يكون لها تنظيما إقليميا.
ولايلاحظ المراقب للنشاط الفلسطيني للتنظيمات السياسية أي تعاون فيما بينها، أو أي نشاط تنسيبي لعناصر جدد، أو أي ظهور واضح على الساحة السياسية السويدية كما هي للتنظيمات السياسية اليونانية، على سبيل المثال لا الحصر. ويلاحظ نشاطها واضحا في السعي لإدارة التنظيمات الشعبية التي تشكلت هنا وهناك في أرجاء المملكة السويدية لمحاولة الإستفادة من كثرة عدد أعضاء تلك الجمعيات.
على مستوى التظيمات الشعبية
من المعروف بأن هناك عدد كبير من المستقلين الفلسطينيين، وممن تعبوا العمل من خلال التظيمات السياسية، إضافة للأطفال والأحداث والمسنين الذين لم ينتموا لأي تنظيم سياسي ولديهم الطاقات الثقافية والفنية والرياضية وغيرها. وهذا كله يستدعي تنظيم وتأطير هذه الطاقات من جهة ونشر الوعي الوطني فيما بينها وتعريفها بالقضية الفلسطينية لتقوم بدورها بالإجابة على أي تساؤل يثار في المدرسة أو بين الأصدقاء وزملاء العمل حول الحق الفلسطيني. من هذا المنطلق تمت الدعوات لأبناء الجالية الفلسطينية في المدن والبلديات السويدية لخلق جمعية شعبية ما.
وستكتفي هذه الدراسة بتجربة جمعية الشعب الفلسطيني في مدينة أوبسالا التي امتدت على مدار ثلاث عقود. وهي أم البدايات للتنظيمات الشعبية الفلسطينية على الساحة السويدية. وتعتبر هذه التجربة نموذجا تسير عليه الجمعيات والتنظيمات الشعبية الفلسطينية، وعددها يقارب ال20 في حوالي 11 مدينة سويدية. وللعلم فإن هذه التنظيمات الشعبية من لها نشاطات متنوعة أومتخصصة. فمنها مايتخصص بالفن مثل الإناشيد والغناء الوطني والدبكة مثل فرقة القدس. ومنها ماهو مهتم بمسألة واحدة وهي حق العودة وتعرف من تسميتها كتنطيم 194، تيمنا بقرار العودة الذي يحمل نفس الرقم. ومن الجدير بالذكر بأن هذه التنظيمات الشعبية سعت ونجحت لتوحيد هذه التنظيمات بتنظيم مركزي سمي باتحاد الجمعيات والروابط عيى مستوى السويد، لكنه انشق عاموديا انعكاسا لما يحصل على أرض الوطن!. وهذا مايدعو للقلق ويتمنى كل مراقب غيور على وحدة الصف الفلسطيني، تحت لواء م ت ف، المعترف بها دوليا كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ليعكس ذاته على الساحات في الشتات.
جمعية الشعب الفلسطيني في أوبسالا
أملا بتجميع كل الطاقات المتواجدة على ساحة مدينة أوبسالا فقد دعى ثلة من الشباب الفلسطيني - وكان لي شرف المشاركة وتحمل المسئوليات - لتشكيل جمعية فلسطينية تضم بين جناحيها كل فرد فلسطيني في أوبسالا، إضافة إلى عضوية الشرف لمن يريد من العرب دعم جهود الجمعية. وعقد المؤتمر التأسيسي بمناسبة يوم الأرض من عام 1980. وقد استلهم النظام الأساسي وميثاق الجمعية من ميثاق م ت ف، بحيث ضمت الجمعية عدة لجان عمل متخصصة، لتكون نواة لفروع تنظيمات نقابية شعبية تابعة لم ت ف مثل إتحاد الطلاب واتحاد المرأة واتحاد العمال وغيرها. ونجحت هذه الجمعية في تصليب عود إتحادي الطلاب والعمال الفلسطينيين في السويد على مدى سنوات عديدة.
وكان من أولويات أهدافها الحفاظ على الهوية الفلسطينية بين المتواجدين ونقلها إلى الجيل الجديد والناشئ في المعترب من جهة، وتشكيل رأي عام سويدي مناهض لأسرائيل ومؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني تحت شعار " من أجل دولة فلسطينية ديمقراطية واحدة يعيش فيها الجميع على أساس ديمقراطي بغض النظر عن الدين والعرق. وكان هذا شعارا مقبولا لدى الجماهير السويدية وأحزابها السياسية.
تعاونت الجمعية بالدرجة الأولى مع الجمعيات السويدية المتضمنة مع الشعب الفلسطيني، وكانت عديدة. ورتبت لنفسها علاقاتها مع الأحزاب السويدية دون تفريق، وكذلك مع النقابات العمالية والكنائس والجامعات والجمعيات العربية والأجنبية كاليونانية والكردية والأمريكية اللاتينية والإفريقية المتواجدة على الساحة. كما ساهمت في إنشاء الأرشيف السويدي الفلسطيني في أوبسالا، والجمعية الإسلامية في أوبسالا، والتي بدورها أصبحت نواة لتشكيل تجمعات إسلامية أوسع على مستوى السويد، وفي بناء مسجد أوبسالا. ودعمت تشكيل جمعيات فلسطينية أخرى في مدن سويدية أخرى. وتعاونت بشكل وثيق مع مكتب م ت ف الإعلامي في ستوكهولم. وشاركت في تظاهرات واعتصامات كبرى، نظمت على أثر الأحداث التي كانت تجري على أرض الوطن وعلى الساحات العربية الأخرى، مثل الغزو الإسرائيلي للبنان ومذابح صبرا وشاتيلا وغيرها. شاركت الجمعية أيضا في ترتيب محاضرات عن القضية الفلسطينية لمدارس وثانويات أوبسالا وكتبت العديد من المقالات واستقبلت شخصيات سياسية وفنية فلسطينية من الوطن ومن الشتات ولازالت جمعية الشعب الفلسطيني فاعلا رئيسيا في العمل الوطني على الساحة السويدية.
ومن العقبات الخارجية التي واجهتها كانت محاربة المخابرات السويدية لها واتهامها بالإرهاب وملاحقة عناصرها ومحاولة منعهم ومن الحصول على الجنسية السويدية. ومن جهة أخرى فقد انعكست التجاذبات السياسية على الساحة الفلسطينية مركزيا عليها مما أدى مثلا إلى انشقاق إدى إلى نشوء جمعية فلسطينية جديدة في أوبسالا أسمت نفسها بالجمعية الفلسطينية في أوبسالا. ولابد من ذكر أن العمل داخل هذه الجمعيات هو طوعي يقدم العضو خدماته بأنواعها بشكل مجاني إضافة للوقت الذي يصرفه على تلك النشاطات.
فلسطينيون بارزون في المجتمع السويدي:-
وأذكر من هؤلاء:-
1- الدكتور مفيد عبد الهادي وهو على الأرجح عمدة فلسطينيي أوروبا فقد وصل إلى استكهولم عام 1943 وبقي فيها حتى وافته المنية مطلع الألفية الثالثة ، وهو بحسب موسوعة جينيس شيخ أطباء العالم فقد مارس الطب لثلاثة وستين عاما الأمر الذي لم يسبقه إليه أحد
2-إيفون رويدا فلسطينية الأصل وصلت إلي عضوية البرلمان السويدي
3-نائل طوقان رجل أعمال فلسطيني بارز يمتلك شركة اعلانات من أكبر شركات الدعاية والإعلان في شمال أوروبا من زبائنه أكبر شركات التصدير العالمية في السويد، شركة (إريكسون) ، شركة A.B.B التي تعمل في مجال الطاقة، شركة I.O.D للسيارات
4-"نادية جبريل" - السويدية الجنسية من أصول فلسطينية - أول مذيعة محجبة في التلفزيون السويدي ضمن فريق برنامج "موزاييك"، الذي يتناول قضايا اندماج المهاجرين في المجتمع السويدي
خاتمة
مما تقدم يستنتج المتتبع للحركة الوطنية الفلسطينية، كما هي الجالية نفسها، يدرك بأنه لازالت في طور المخاض والتكوين ويأمل لها ولادة جيدة تؤدي إلى تنظيم شعبي كبير وقادر بالتعاون مع البعثة الدبلوماسية على أولا أن يجمع كل الطاقات بين أبناء الجالية في السويد وتنظيمها وتوظيفها بشكل ينعكس على أبناء الجالية بمتطلباته في هذا المغترب ومن جهة أخرى لأن تؤثر في المجتمع السويدي بكل شرائحه الحزبية والنقابية والكنسية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى. ولا ينس المرء بأن للسويد عضوية ومسموعية طيبة في الإتحاد الأوربي وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأخيرا لابد في معرض هذه الدراسة من ذكر الدور الوطني والدبلوماسي الذي بذله مكتب م ت ف في ستوكهولم منذ نشأته عام 1975وتبذله البعثة الدبلوماسية الفلسطينية الحالية في مساعدة من يطرق بابها من أبناء الجالية أو تنظيماتها.
من الملاحظ لمن قرأ السطور أعلاه بأن الدراسة مقتضبة جدا وتحتاج لبحث معمق لتوثيقها ووضعها بين دفتي كتاب شامل، أملا أن تسنح لي الظروف لأن أقوم بهذا الدور في المستقبل القريب. ولابد هنا من ذكر أن تنظيمات تضم الجالية العربية ككل غير موجودة على الساحة السويدية، لكن يوجد جمعيات سورية وسودانية ولبنانية ولم يلاحظ أي تعاون وثيق فيما بينها أو جهودا لتوحيد تلك الطاقات، ويحتاج الأمر لدراسة موسعة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق